ابن سحنون ( 202هـ - 256هـ ) ( 1 ) :
هو الفقيه المالكي أبو عبد الله محمد بن عبد السلام سحنون التنوخي القيرواني , ولد عام 202هـ ، بمدينة ( القيروان ) في تونس , كان والده الإمام سحنون عالمًا وقاضيًا ذائع الصيت ، وكان يُلقب بسراج القيروان . وقد نشأ ابن سحنون في كنف والده نشأة دينية إسلامية ، وتثقف على يديه فنال نصيباً كبيراً من الثقافة الإسلامية .
ألف ( ابن سحنون ) وكان من علماء الحديث في عصره ، كتباً كثيرة تزيد على العشرين مصنفًا في مختلف العلوم , وكانت له رسائل في مختلف فروع العلم المعروفة في عصره ، ولكنه اشتهر في مجال التربية بكتابه ( آداب المعلمين ) ، وقد يُسمى ( آداب المعلمين والمتعلمين ) الذي نقله عن أبيه ، وكتبه في شكل رسالة جاءت على أسلوب المحدثين في أبوابٍ متفرقة , وقد تميز هذا الكتاب بكونه أول كتابٍ في تاريخ الحضارة الإسلامية دار حول المسألة التربوية ، وبذلك يكون ( ابن سحنون ) رائدًا في الكتابة عن التربية الإسلامية ، حتى أن بعض المربين المسلمين كالقابسي والزرنوجي ، وغيرهما قد تأثروا بكتابه ذاك ، كما أنه تُرجم إلى اللغة الفرنسية , نظراً لأهمية الفكرية والتربوية .
أهم أفكاره التربوية ( 2 ) :
1- نادى بأهمية ووجوب تعلم القرآن الكريم ولاسيما في الصغر ، واعتباره المنهج الأساسي في التربية الإسلامية .
2- اشترط في المعلم أن يكون عادلاً وأن يحرص على المساواة بين الصبيان سواءً كانوا فقراء أم أغنياء , وبهذا يكون قد سبق التربية الحديثة إلى المناداة بمبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين .
3- حذَّر من التعليم المختلط في أواسط القرن الثالث الهجري , وقال : " وأكره للمعلم أن يُعلِّم الجواري ، ولا يخلطهن مع الغلمان لأن ذلك فسادٌ لهم " ، مع أنه يؤكد على مبدأ تعليم الفتاة , وحقها في التعليم ولكن في مكان خاص بها . ولقد ناصره في رأيه هذا ( القابسي ) ، كما أن بعض المجتمعات في العصر الحاضر تحاول جادة الأخذ بهذا المبدأ أن عاشت مشاكله وعانت من مساوئه .
4- تحدث ابن سحنون عن سياسة الأطفال وتأديبهم ( عقابهم ) ، وذكر أن للمعلم أن يضرب الصبيان إذا أساؤوا المعاملة أو قصّروا في التعليم ، ولكنه بيَّن أن يكون الضرب المسموح به في حدود ثلاث ضرباتٍ ، من غير إسرافٍ أو غضب ويهدف إلى الإصلاح , وألا يضربهم وهو غاضب ، وألا يؤذي المتعلم في جسمه . وهذا متوافق مع حاجة النفس البشرية التي تحتاج إلى تصحيح مسارها عندما تُخطي .
5- حدد إجازة الصبيان في الأعياد بثلاثة أيام لعيد الفطر ، وخمسة أيامٍ لعيد الأضحى ، أما في الأيام العادية فتكون العطلة آخر يوم الخميس مع يوم الجمعة من كل أسبوع . وهذا تحديدٌ معقولٌ ومتناسبٌ مع وضع المجتمع الإسلامي .
6- اهتم بمراقبة سلوك الأطفال , وطالب المعلم بمتابعة الحضور والغياب ، وهذا أمر تنادي به التربية الحديثة لغرض إيجاد التعاون بين البيت والمدرسة .
7- كان يرى أن للمعلم الحق في أخذ الأجر على تعليم الصبيان خاصةً عند تفرغه , لكنه منع أخذ الأجر في حالة تقصيره أو تفريطه .وابن سحنونفقيه المغرب محمد أبو عبد الله ابن فقيه المغرب عبد السلام سحنون بن سعيد التنوخي , القيرواني , شيخ المالكية .
تفقه بأبيه .
وروى عن : أبي مصعب الزهري , وطبقته .
وكان محدثا بصيرا بالآثار , واسع العلم , متحريا متيقنا , علامة كبير القدر , وكان يناظر أباه .
وقيل لعيسى بن مسكين : من خير من رأيت في الغلمة ؟ قال : ابن سحنون .
قلت : له مصنف كبير في فنون من العلم , وله كتاب : "السير" , عشرون مجلدا , وكتاب : "التاريخ" ومصنف في الرد على الشافعي والعراقيين .
وقيل : لما مات ضربت الخيام حول قبره , فأقاموا شهرا , وأقيمت هناك أسواق الطعام , ورثته الشعراء , وتأسفوا عليه .
توفي سنة خمس وستين ومائتين .
ثم رأيت له ترجمة طويلة , في "تاريخ" أبي بكر عبد الله بن محمد المالكي قال : قال أبو العرب : كان ابن سحنون إماما ثقة , عالما بالفقه عالما بالآثار , لم يكن في عصره أحد أجمع لفنون العلم منه , ألف في جميع ذلك كتبا كثيرة , نحو مائتي كتاب , في العلوم والمغازي والتواريخ . وكان أبوه يقول : ما أشبهه إلا بأشهب . . وكانت له حلقة غير حلقة أبيه , ولد سنة ثنتين ومائتين وتوفي سنة ست وخمسين ومائتين .
سمع من : أبيه , وموسى بن معاوية , وعبد العزيز بن يحيى المدني .
وارتحاله إلى المشرق في سنة خمس وثلاثين , فلقي أبا المصعب الزهري , ويعقوب بن كاسب .
وقيل : إن المزني صاحب الشافعي أتاه , فلما خرج , قيل له كيف رأيته ؟ فقال : لم أر أعلم منه , ولا أحدَّ ذهنا -على حداثة سنه- وألف كتاب : "الإمامة" , فقيل : كتبوه ونفذوه إلى المتوكل .
وكان ذا تعبد وتواضع ورباط , وصدع بالحق .
وناظر شيخا معتزليا , فقال : يا شيخ ! المخلوق يذل لخالقه ؟ فسكت , فقال : إن قلت بالذلة على القرآن , فقد خالفت قوله تعالى : وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ .
وسئل ابن عبدوس عن الإيمان : أمخلوق هو , أم غير مخلوق ؟ فلم يدر , ودل على محمد بن سحنون , فقال محمد : الإيمان بضع وسبعون درجة , أعلاها شهادة , أن لا إله إلا الله فالإقرار غير مخلوق , وما سواه من الأعمال مخلوقة- يريد كلمة الإقرار , وأما حقيقة الإقرار الذي هو التصديق , فهو نور يقذفه الله في قلب عبده , وهو خلق لله- قال : أحمد بن أبي مسعود : فمضيت إلى العراق , فسأل عنها , فإن جوابه كجواب محمد .
وقيل : لما توفي محمد رُثي بثلاث مائة قصيدة .