لحظة قابلة للتعليم*

لحظة قابلة للتعليم*
Anna Quindlen
ترجمة // مي المدلل

ان تكون اباً او اماً امر سهل وبديهي، اليس كذلك؟ حسناً الجواب هو كلا ، الامر المعتاد والمألوف هو التظاهر بكونك تحمل تلك الصفات وهذه هي القضية التي تستحق الدراسة والبحث المطول.
قبل عدة سنوات مضت اجرى العالم النفسي Laurie Miller Brotman دراسة موسعة شملت مجموعة من الاطفال مع عائلاتهم، هؤلاء الاطفال كانوا يعيشون في ظروف عائلية سيئة فبعضهم فقراء والاخرون لهم اقرباء من الدرجة الاولى مجرمين او محكوم عليهم بقضاء فترات محددة في السجن، حيث قام Brotman وفريقه الطبي بفحص واختبار مستويات هرمون Cortisol وهو هرمون يفرز طبيعياً داخل الجسم واكتشف ان هذا الهرمون يقل عندما يتعرض الانسان لضغوطات عصبية ونفسية او عند تعرض الاطفال للمعاملة القاسية والخشنة.
لحد الان الوضع سيء ولكن اليكم ما حدث لعدد من الاطفال من نفس المجموعة التي تمت الدراسة عليها، نصف الاطفال تم اشراك اباءهم ضمن برامج تربوية تهدف الى مساعدتهم وتعليمهم كيفية التعامل مع نفسية كل طفل يقومون على تربيته حيث يقوم المبدأ على وضع قواعد وضوابط تستثني العقوبات الجسدية وتعزز وتقوي التعامل بلطف وطول بال مع تخصيص وقت لهم خلال اليوم للعب والاستمتاع وقراءة القصص، هذه الخطوات وبعد تطبيقها من قبل الاباء والامهات في بيوتهم مع اطفالهم اكتشف Brotman مع فريقه ان مستوى هرمون Cotrisol< /FONT> قد تغير وتعدل ورجع الى مستواه الطبيعي داخل الجسم وهذا ما يؤكد "وحسب قول العلماء" ان الاسرة هي المصدر الرئيسي الاول لاستقرار نفسية وعقل الطفل وتوازن تصرفاته.
عندما اجريت هذه الدراسة كان عمر الاولاد والبنات 11 سنة والنصف الذي شارك اهله في البرامج التعليمية تبين انهم كانوا اقل عدائية وعنف وحتى معدل السمنة لديهم كان منخفضاً قياساً بالمجموعة الثانية.
ان مشاركة الاباء والامهات في تلك البرامج التعليمية قد غير سلوك الاطفال وبالتأكيد سيغير مجرى حياتهم القادمة نحو الافضل حيث اصبحت تصرفاتهم شبيهة بالاطفال الذين لا يعانون من مشاكل في اسرهم وان نسبة الخطر عليهم قد قلّت بشكل ملحوظ، هذه النتائج المذهلة التي توصل اليها Brotman مع فريقه جعلت NYU Child Study Center يأخذ على عاتقه ويدعم تطبيق هذه البرامج في العدي د من المدارس وبهذه الطريقة يعممون الفائدة على اكبر عدد من العوائل.
ليس الفقر وحده هو من يولد الفشل والتلعثم وانما هي حالات يمكن ان نجدها حتى في العوائل الثرية والتي لا يشكو افرادها من مشاكل وصعوبات مادية وان تفادي هذه العوائق والصعوبات منذ البداية هو الطريق الصحيح لتنشئة جيل صالح قادر على بناء نفسه وحياته ومجتمعه.
ومن هنا اتت الحاجة الى طرح سؤال مهم وهو هل يجب اعتبار تربية الطفل من المهام الصعبة والدقيقة؟ وهل ان الدروس التعليمية والكتب التي تنشر الان وتبحث وتعطي المشاكل وحلولها مهمة الى هذه الدرجة؟ سيكون الجواب هو نعم، لان التربية الصحيحة هي اصعب ما قد يواجه الام والاب على حد سواء والوصول بأطفالنا الى بر الامان هو غاية نبيلة وليس بمقدور اي منهما (الام والاب) تحقيق ذلك ما لم يكونا على دراية بكل ما يجري من حولهما لان الحياة في تطور مستمر وسريع والمغريات كثيرة ومتعددة، ولان "الحذر يقيك الخطر".

* عن النيوزويك