هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لازالت طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من عاداهم
 
منتدى حملة الحقالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أحييكم بتحية اهل الجنة فسلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته ...اعضاء منتدى حملة الحق... اعلن عن تصميم منتدى جديد يحمل نفس العنوان بنفس الاقسام وسننتقل اليه في الايام القليلة القادمة نسال الله الاخلاص والقبول ترقبوا الرابط الجديد للمنتدى الجديد **** لكم مني كل الاحترام والتقدير ...المديرة العامة أم اسلام.

 

 الاسلام والعنف ..الحلقة الثانية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أم اسلام
Admin
أم اسلام


عدد المساهمات : 669
تاريخ التسجيل : 21/01/2009

الاسلام والعنف ..الحلقة الثانية Empty
مُساهمةموضوع: الاسلام والعنف ..الحلقة الثانية   الاسلام والعنف ..الحلقة الثانية I_icon_minitimeالأحد مارس 29, 2009 11:25 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الاسلام والعنف..جدلية الفهم والممارسة

الحلقة الثانية.. الاسلام يقبل الاختلاف

أشرنا في الحلقة الأولى إلى أن موقف الإسلام من العنف، لا تنفيه الخطابات العاطفية و لا تثبته التحليلات المتحيزة، و إنما يرتكز على تدقيق عميق للأسس العامة التي تحدد علميا هذا الموقف، بعيدا عن الانتقائية أو التحايل على النصوص الجزئية.

وبينا أن هذه الأسس هي ثلاثة : مدى قبول الآخر ( وهو ما أثبتناه في تلك الحلقة ) ، ومدى قبول الاختلاف( وهو موضوع هذه الحلقة و التي بعدها)، و مدى إدراك طبيعة الإنسان المتأبية على القهر فيما يتعلق بالاعتقاد ( وسيكون بإذن الله موضوع الحلقة الرابعة ) .

ينظر الإسلام إلى الاختلاف كطبيعة، أي أنه جبلة بشرية متأصلة، فلا يعتبره انحرافا و لا منكرا، و لا استثناء، بل ينظر إليه على أنه الأصل. يقول تعالى: "و لا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك، و لذلك خلقهم" ، يبين بذلك أنه خلقهم من أجل الاختلاف، و أن الاختلاف جزء من طبيعة وجودهم، لا ينتفي إلا بانتفائهم. و الاختلاف في التصور الإسلامي رحمة، يكفي ما يقال عن خلاف الفقهاء: "خلاف العلماء رحمة"، لأن الاختلاف يؤسس للاجتهاد في الرأي. و لأن الاختلاف في زوايا النظرة الشرعية أو الفقهية أو السياسية هو الذي يؤسس للاجتهاد، و لأن الاختلاف جزء من الحرية، فإن الإسلام يجعل من حق الإنسان أن يختلف، و يبني هذا الاختلاف كسلوك فطري على أرضية هي في عمق هذه الفطرة، هي التوق إلى الحرية، و الرغبة في الحياة بحرية. كما ينظر الإسلام إلى الاختلاف على أنه خصب، و أن التعدد في زوايا النظر يؤدي إلى إخصاب الفكر و الواقع الإنساني بل و المشهد البشري على الأرض.

و لم يكتف الإسلام بهذا النظر المجرد إلى الاختلاف بكونه طبيعة و رحمة و اجتهادا و حرية و خصبا، و إنما قام يؤصله بالدليل. فالعلماء ينظرون جميعا، في أصول الفقه، إلى الاختلاف في الأحكام الشرعية بوصفه اختلافا طبيعيا و قدريا و لازما، و الفقه في طبيعته يتشكل من آراء مختلفة، حتى في الأمر المقدس الذي تعبدنا الله به، أي أننا نختلف حتى في فهمنا لأمر الله، حيث نمارس عبادة الله عن طريق فهمنا لهذه العبادة، و نختلف في ترجمتها إلى سلوك دون أن يكون في ذلك تناقض، لأن الحق و لو أنه واحد : الحق واحد و الصواب متعدد، و يمكن أن يكون للحق أشكال متعددة من الصواب.

في هذا الإطار تأتي أول بادرة اختلاف طبقها النبي صلى الله عليه وسلم بالإقرار و أصلها المسلمون. و ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يسارعوا إلى بني قريظة فقال: "من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة"، لكن لما دخل وقت العصر و هم في الطريق انقسموا إلى قسمين: قسم فهم الأمر النبوي حرفيا و أكمل الطريق إلى أن دخل الليل، فصلى العصر مع العشاء الآخرة، رغم أنه يعتبر من التفريط الكبير أن يصلي المسلم العصر بعد الغروب، و قسم آخر اجتهدوا في فهم النص النبوي فانطلقوا إلى روح النص، و لم يقفوا عند ظاهره و قالوا إنما هو من أساليب الحث و التوكيد، فتوقفوا و صلوا العصر، ثم وصلوا متأخرين قليلا فصلوا المغرب و العشاء. فلما التحق النبي صلى الله عليه وسلم بهم بعد ذلك في اليوم الموالي و حدثوه بالأمر أقر هؤلاء على اجتهادهم، و أقر هؤلاء على اجتهادهم (المباركفوري، الرحيق المختوم.ص369 ). فأصل بذلك لدور الإنسان في فهم النص و تأويله و قراءته و تنزيله على الواقع، مما يدل على استيعاب الإسلام لكون التعاطي الفعلي مع النصوص خلافيا و ترجيحيا و نسبيا يحتمل الخطأ.

و الإسلام هو الذي أصّل للثواب على الخطأ، و ليس فقط لإعفاء الناس من جريرة الخطأ، عندما اعتبر المجتهد المخطئ مأجورا، و لم يكتف بالقول: من اجتهد فأصاب فله أجر، و من اجتهد فأخطأ فلا شيء عليه. فهذا ليس محفزا. و إنما قال "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ، فله أجر و إذا اجتهد فأصاب فله أجران« (البخاري و مسلم). و حتى هذا التمييز البسيط، ليس لتفضيل المصيب على المخطئ، فكلاهما مجتهد. و لكن لحفز الناس على إتقان الاجتهاد، حتى لا يكون مجرد اجتهاد لأجل الاجتهاد، و إنما الاجتهاد من أجل الوصول إلى الصواب، و لولا هذا الأمر لسوى الإسلام بين المجتهد المصيب و المجتهد المخطئ. و هكذا يحارب الإسلام التنميط و الحرفية في فهم النصوص، و يحارب الارتباط الشكلاني الذي يقوم على الانصهار في بوتقة واحدة، مما يؤدي إلى إلغاء البعد الفردي و الاختلاف و إلغاء الجانب الذاتي و الخاص في أسلوب الإنسان و عقليته و نفسيته. و بالتالي لا يمثل الإسلام حالة نفاق عامة للناس يرتبطون فيها بالدين بارتباط منمط عبر سلطة فكرية ظاهرة تطبعهم بطابع واحد و تجعلهم في قالب واحد، و إنما يغذي التدين و الإيمان و يعطي للتعاطي مع النص حيوية و يدفعه إلى أن يتحلى بالزخم الواقعي للطبيعة البشرية القائمة على الاختلاف.

و هكذا يتأصل في الإسلام قبول الاختلاف مع الآخر باعتباره أحد موانع و نوافي استعمال العنف الذي قد يلجأ إليه من أجل إلغاء الاختلاف أو إلغاء الرأي الآخر.

إن الإسلام يقبل الآخر ذاتا و فكرا، و هذا ما يدفعه إلى أن يضع نظرية في تدبير التعايش، بناء على أن الآخر أمر واقع، و أن الاختلاف مع الآخر أمر واقع أيضا، و يبني الإسلام تصوره لتدبير التعايش على جملة عناصر، نكتفي بذكر ثلاثة منها فقط، أولها تصوري و ثانيها أخلاقي و ثالثها عملي. نعرضها في الحلقة المقبلة بإذن الله.

أبو زيد المقرئ الإدريسي : كاتب مغربي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://oumou4islam.yoo7.com
 
الاسلام والعنف ..الحلقة الثانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مشاهد من الحلقة الأخيرة ... للمسلسلات التركية المدبلجة
» الشبهة الثانية..حول الدكتور عمرو خالد والرد عليها
» الرسالة النورانية الثانية لبديع الزمان...... الذين يؤمنون بالغيب
» الرسالة النورانية الثانية عشرة.. (ومَن يؤتَ الحكمة فقد اوتي خيراً كثيراً)
» دين الاسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: قسم الدراسات العلمية :: منتدى ** قضايا الامة **-
انتقل الى: